احتضنت القاعة الرسمية بالمركز الثقافي المغربي فى نواكشوط مساء اليوم الأربعاء فعاليات النسخة الثالثة من "الصالون الأدبي النسوي" الذى ينظمه المركز الثقافي المغربي كل شهر وتؤطره مجموعة من رائدات الأدب والثقافة فى موريتانيا.
.
نسخة اليوم من "الصالون الأدبي" نشطتها الدكتورة والشاعرة المعروفة امباركه بنت البراء (باته) حيث ألقت محاضرة قيمة تحت عنوان "نظرة المجتمع الموريتاني للأدب النسوي قديما وحديثا"
وقد افتتح التظاهرة، التى حظيت بحضور نوعي من رائدات الأدب والثقافة والإعلام، سعادة السيد سعيد الجوهري مدير المركز بكلمة رحب فيها بالحضور، وتطرق لموضوع المحاضرة عن طريق إثارة جملة من الأسئلة والاستشكالات حول مكانة الأدب النسوي (موضوع المحاضرة) تأطيرا للمحاضرة.
كما تظرق الجوهري فى كلمته للتعريف بالمُحاضرة ومكانتها الأدبية والعلمية داخل البلد وخارجه حيث تعتبر المُحاضرة مباركه بنت البراء من أبرز شاعرات بلد المليون شاعر وقامة علمية سامقة درًست فى الجامعات الموريتانية والسعودية وحصدت العديد من الجوائز والأوسمة ومثلت بلادها فى كثير من مهرجانات الأدب والثقافة وتقلدت العديد من الوظائف السامية.
أما الدكتورة مباركه بنت البراء فقد ردت على الأسئلة والاستشكالات التى أثارها المدير فى تقديمه والتى تضمنت جملة من الأسئلة الهامة من ضمنها:
كيف حظيت المرأة الموريتانية بمكانة اجتماعية عالية فيما هُمشت فى المجالين الثقافي والأدبي؟؟؟!!
ما المساحة الأدبية التى سمح بها المجتمع الموريتاني للمرأة قديما وحديثا؟؟؟!
ما هي أنواع الكتابة لدى المرأة؟؟
الدكتورة بنت البراء استهلت عرضها بالقول إن عنوان المحاضرة (نظرة المجتمع الموريتاني للأدب النسوي قديما وحديثا) "يثير علاقة المرأة الموريتانية بالأدب وإسهامها فيه من جهة، ونظرة المجتمع إلى تجربتها الإبداعية من جهة أخرى"، مبرزة أن هذا الموضوع رغم طرافته وجدته لا يوجد مصدر علمي أو توثيقي يمكن الركون إليه حوله، ذلك أنه لا توجد مراجع تتحدث عن هذا الإسهام ولا عن موقف المجتمع منه.
وقبل أن تدخل المحاضرة فى الموضوع تطرقت إلى مكانة المرأة فى المجتمع الموريتاني القديم، وعن الأدوار التى وكلت إليها وميزتها حيث "تمتعت بحضور اجتماعي مشهود قلما نجد له نظير بالمقارنة مع مثيلاتها فى العالمين العربي والإفريقي وهو ما استوقف المؤرخين والباحثين حيث يقول بن بطوطه عندما زار البلاد فى القرن الثامن الهجري الرابع عشر ميلادي عن الحضور اللافت للمرأة فى المجتمع الولاتي "وكانت إقامتي بولاته نحو خمسين يوما وأكرمني أهلها وأضافوني .. وأكثر السكان بها من مسوفه، ولنسائهم الجمال الفائق، وهنً أعظم شأنا من الرجال"
وأضافت أن هذه المكانة الفائقة التى تحظى بها المرأة فى المجتمع الولاتى والتى أبهرت بن بطوطه تعطينا تصورا عن الوضع الذى تحظى به المرأة فى البلد، وهو ما تؤكده العادات والتقاليد والأدبيات فى مجتمعنا يقول الشيخ محمد المامى (ت1282ه) متحدثا عما تحظى به المرأة من تقدير واحترام فى كل البلاد:
"والنساء عند عامة أهل القطر كأنهن لم يخلقن إلا للتبجيل والإكرام التودد لهن؛ فلا تكليف عليهن ولا تعنيف "
وأشارت إلى أن الأمثال السائدة تصب فى نفس الاتجاه فالمثل يقول "هن عمائم الأجواد ونعال الكلاب"
أما موضوع المحاضرة فقد خلصت المحاضرة فى عرضها إلى القول إن أسباب تأخر المرأة عن أخيها الرجل فى المجالين الأدبيين والثقافي فى البلد يعود لجملة من الأسباب والمعوقات بعضها يرجع إلى الاحتشام وبعض يرجع إلى انشغال المرأة بقضايا بيتها وهمومها الكثيرة، إضافة إلى بعض العقليات الموروثة عن المجتمعات القديمة فى البلد، والتى تنظر إلى المرأة نظرة دونية، ينضاف إلى ما سبق تعصب بعض القائمين على الشأن الديني (قصة المرأة التى بعثت إلى أحد المشايخ بقصيدة تمدحه فيها فرد عليها بأن "المرأة كلها عورة").
وأوضحت بنت البراء أن المرأة ، ورغم كل القيود والعوائق، أبدعت شعرا ونشرا وتعلمت وعلمت والتاريخ قديمه وحديثه شاهد على إبداعات وإسهامات المرأة فى الشعر الفصيح وفى نبوغها فى العلوم اللغوية والتشريعية فهناك شاعرات مجيدات وعالمات فى المجمتع القديم. أما الشعر الحساني فقد أبدعت فيه المرأة إبداعا استثنائيا حيث أنتجت نوعا من الأدب الحساني خاصا بها ألا وهو "التبراع".
وعن السؤال الذى يقول: هل اختلفت نظرة المجتمع لهذا الأدب فى الدولة الحديثة؟ أجابت بنت البراء بنعم .. لقد اخلفت نظرة المجتمع لهذا الأدب فى الدولة الحديثة وتغيرت الأحوال وإن بقيت بعض الترسبات والعوائق إلا أن المرأة اليوم أصبحت تتمتع بحرية أكبر وأصبح إسهامها أكثر تقبلا فى نظر المجتمع .
المحاضرة أشفعت بنقاش مستفيض من طرف الحاضرات، تطرق لمختلف الأسئلة والاستشكالات التى أثيرت.