اعلي ولد محمد لحبيب من أعظم أمراء اترارزه، وهو أيضا سليل مملكة الوالو (شَمَامَه)؛ فأمه (اجِّنْبتْ امْبُودْجْ) التي عزلها الوالي الفرنسي (افَّدَرْبْ) خشية أن يستعيد الأمير محمد لحبيب نفوذه على الضفة اليسرى. يقول الشاعر يقوى ولد أحمد ميلود الفاضلي الديماني في مدح اعلي ولد محمد الحبيب: يَا ابْنَ الْبَطَارِقِ مِنْ شَمَامَه وَالْخُلَفَا **مِنْ آلِ شَنْظُورَه مَنْ فَاقُوا الْوَرَى شَرَفَا*
وعرف اعلي بأنه كان مقداما شجاعا، لم يُهزم في معركة، وكان مجدودا ذا هيبة قوية، ومجلسه مجلس أدب، وله في الشعر الحساني القدم الراسخة. وهو القائل: مِنْ صَابْ الدِّنْيَ تِنْثْنَ @ بِلِّيلِي كَامِـــلْ فِيهَا @ مِنْ طَرْبِي، وٍأتَّمْ اسْنَ @ فِابْلَدْهَا لَيْنْ اجيها
وقد ضم بلاطه العلماء والأدباء، بل مختلف ألوان طيف المجتمع في عصره ممن يضمهم المحصر عادة، ومن هؤلاء محمد فال ولد امخيترات الذي كان صديقه الحميم، ومُجالسه الظريف الْفَكِهَ الذي لا يستغني عنه.
وعرف ولد امخيترات بأدبه الجم وظرافته، وفيه يقول العلامة البراء بن بكي راثيا: وَحَازَ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَهْوَ فَــرْدٌ ** مَفَــاوِزَ كُلِّ مُخْــلِفَةٍ فَـــلَاةِ*
وَأحْيَا مِنْ بَدِيعَاتِ الْمَعَانِي ** مَدَارِجَ كُلٍّ مُنْدَرِسٍ مَوَاتِ.* وهو صاحب الأقوال المأثورة ومنها: "المصطحبات" التي أشار إليها العلامة الشاعر الشيخ سيدي محمد (سيدن) ولد الشيخ سيديا حين يقول في نظمه لنوادر بني ديمان:
وَمِنْهُمُ أيْضًا سَلِيلُ امْخَيْتِرَاتْ ** وَهْوَ الَّذِي انْفَرَدَ بِالْمُصْطَحِبَاتْ*
وَكَــمْ حِكَايَــــةٍ لَــــهُ ظَــــرِيفَـــهْ ** تُنْــبِئُ أَنَّــــــهُ هُــــــوَ الْخَلِــيــــفَــــهْ* ومن نوادر ولد امخيترات أنه حضر مرة مضمار سباق للخيول، وكانت فرس الأمير اعلي من الأفراس المتسابقة، ولكن الأفراس سبقتها، فنظر الأمير اعلي إلى محمد فال ولد امخيترات سائلا: "ذِي الْخَيْلْ أيْهَا سِبْگِتْ؟
فأجاب محمد فال على الفور:
-"سِبْگِتْ الْوَرَّانٍيَّه"،.
فضحك الأمير وقال:
"أنت لا يسد أمامك باب
ومرة وكانت سنة ندرت فيها الثياب، حصل الأمير اعلي على الكثير من الثياب الجيدة، فقال له ولد امخيترات:
أيها الأمير لا بد أن تعطيني من هذه الثياب، فأجاب الأمير: -لقد خصصتها لقوم معينين، وأنت لست منهم، فقال محمد فال: إن لم تعطني منها فسأقول فيك قولا لم تسمعه أبدا.
فقال الأمير : لست ممن يخاف قولك؛ فأنا ابلغ منك في الحسانية نثرا وشعرا، وأزيد عليك لهجة أخوالي. فانتظر محمد فال ولد امخيترات حتى التأم الجمع حول الأمير وأنشد: آنَ يَا اعْلِي بَلَّغْتْ أَسْبَابْ @ الطَّلْبَه وِالشِّكْرْ اشْكَرْتَكْ
وَإنَ وِانْتَ لَثْنَيْنْ أَصْحَابْ @ وِِاصْحَبْتَكْ، يَغَيْرْ انْتً يَلَمِيرْ مَا اتْزَحَّلْ* فأجابه الأمير على البديهة:
"حَتَّانَ احْوًيْگْرَكْ".
فضحك الجمع من أدب ولد امخيترات، وتعجبوا من سرعة بديهة الأمير.