بعض ، إنه( الصديق الناصري) الألمعي، كما ذكر عن نفسه،لذلك دعوه، وشأنه، قد تكون محاولة، كأستنبات الأعشاب على كثبان وعيه، أو استمطار المال في حرثه، ليجني من المطبعين، ووكلاء المستعمرين في نهاية موسم خريف افكارياته هذه،، وآثر قوم السكوت عنه، وتجاهل من يحرث في البحر الأجاج، فلعله بالمحاولة، يلفت الانتباه على نفسه على قاعدة " خالف تعرف" في زمن النسيان والتناسي، والأوبئة، والمآسي،، وتساءل آخرون عن الدوافع النفسية، فهل هي استجابة لمثيرات داخلية، تتعلق بحالة نفسية استثنائية، أو بحث يائس عن مصادر الاسترزاق في أزمنة الشح، والجوائح، أو هي من قيبل الذي تواضع عليه المجتمع في حالة الفراق، والتفكك العائلي، باعلان الطلاق، وقد استصعب صاحبه" الزغاريد" النسائية، ولم يتذكر استبدالها بما تعهدته العامة من " بربرة" بعض الرجال بشفاههم، وداعبتها بالأصابع، لإحداث ترانيم مبهمة، لكنها ملفتة للانتباه، وهذا منبه في بيئة يليق بالبعض الاستئناس بها، حتى ولو كان سياسيا، أيام " كان يا ماكان في سالف الزمان"،،
وقلنا، فليكن، وجميل أن يحاول (صديق) ناصري، أن يعيد قراءة الفكر القومي في اطار محاولات التجديد فيه، بقدر ما يتفاعل معه، ويستنطق المبادئ في النظريات، ويعيد طرح الفرضيات، ويبحث عن الاجابات وفق اجتهاده، ورؤيته للعالم، وتفسيره للوقائع، وفتح صفحة في التجديد، والابداع الفكري الذي نرحب به في اطار النقد الذاتي، او الخارجي على حد سواء،، ولكن ألا يتطلب الأمر من الباحث السياسي، منهجا تحليليا، ورؤية مخصوصة، ولو مسنبطة، او على القياس، وليكن مفارقا؟!
واحسرتاه،،
فلم يعثر على شيء من هذا كله، فيما كتب (الناصري)، إلا إذا كان، قد تراءى له شخصيا، فيما يرى النائم من احلام، بل كوابيس مزعجة له، ولعل مخيلة (الصديق)، كانت في حالة انطواء، وقد توارت بعيدا ـ في مجاهل الندامة التي تولدت عنها كراهيته لوعيه السابق ـ عن منارات تلك المحطات المخصوصة بالنشاط الذهني، أحرى "النبوة"، حيث تنشط المخيلة عند قوم اختارهم المولى سبحانه وتعالى لوحيه ـ على رأي ابن سينا ـ ، ولما استيقظ مرعوبا، اعتقد خطأا أن تكفيره عن خطاياه، يخلصه من كوابيسه التي ما انفك يحاول استخفاءها، استرضاء لنفسه، وطمأنتها للتخلص من مجمل التبعات التي كان منها ـ ربما ـ اعلانه البراءة من مظاهر وعيه السياسي السابق،، وهو المبررلإسترجاع ماقيل من مآخذ ـ عن الناصرية ـ التي اختزنها في ذاكرته، ليرددها نيابة عن "القوم" في مقاله الذي كان إعلان عنوانه " براءة" من تبني الفكر القومي في تجربته الناصرية،،
وقد لا يهمنا مبررات اختياره لمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين، لرحيل عبد الناصر رحمه الله تعالى، لكنه لم يتذكر، أن " الهرم الصغير لازال هنا "، وأن الدردشة في حديثه الهامشي، كشفت أنه لم يكن من الناعين للرحيل من أبناء الأمة المفجوعة اكثر من أي وقت مضى بعد الاحتلالات الحالية، بل كان من "الناعبين" بخطابه العدائي في دردشته التي شكلت استرجاعا لما لاكته الألسن من تفاهات يستذنب بها الوعاظ في الحقبة الساداتية، قربانا بها لجهال" خنازير الجزيرة" على رأي القذافي رحمه الله.
وقد ذكر (الصديق)الناصري في قراءته اللاواعية، بعض الاشارات "المتوهمة "عن جهل فاضح عن الحرية في الفكر الناصري ـ الوثائق على رأيه ـ لذلك، لم يفصل القول في الحرية، ومجالاتها، فهل قصد الحرية بمعنى التحرير، والاستقلال والسيادة الوطنية على عهد الثورة وخلال تجربتها طيلة ثمانية عشرعاما، وما هي مآخذه المعتبرة عليها؟،أو قصد الحرية الاجتماعية، وأوجه النقص في سياسة مجانية التعليم، ووالتعريب، والإصلاح التربوي، والصحي، وتوزيع الأراضي على الفلاحين الذين كانوا يباعون معها قبل الثورة، كأدوات للإنتاج استبقاء العصر الافطاعي،،؟ او قصد عدم تكافؤ الفرص، ومحدودية مجتمع الانتاج والخدمات،، وما هي نسبة هذه المحدودية بالنظر الى ما قبل الثورة،،؟ وهل تراجعت الثورة عن تحقيق العدالة الاجتماعية التي لم تكن في أدبيات الفكر السياسي العربي قبل الناصرية، مما أسكت خصوم الثورة قبل هذا ( الصديق) ؟، أو قصد الحرية السياسية التي أعادت بموجبها الثورة القيادات الحزبية من المنافى الاجبارية التي فرضها العهد الملكي عليهم، ك/صطفى النحاس/، وآخرين، وحين رجعوا الى مصر، استأنفوا التحالف الرجعي مع الانجليز، على عادتهم القديمة ؟!
لم يهتم ( الصديق) الحميم بقضية بالغة الأهمية في الفكر السياسي، وان كان ألمح اليها، وهي أن الفكر يتخلف عن حركة الواقع حين، يكون الأخير تجاوزه بمطالب المجتمع المستجدة، ولذلك كانت التجربة السياسية، تستدعي التجديد في الفكر، بتتبع الأخطاء في التجربة، كبيان "30 مارس" ونقدها، واستشراف المستقبل،،ولكن لما كان حال الأمة راهنا، ومنه التجربة المصرية ـ على حد تعبير (الصديق الناصري) ـ في تراجع غيبها نتيجة المرحلة الساداتية، والاحتلال الصهيوني المتوغل، والاحتلال الامريكي المهيمن، و"التطبيع" الخياني المستأنف من مراكش الى البحرين، فهل الأمر يحتاج منا الى ضرورة التجديد في الفكر، أو التمسك بالثوابت الفكرية في الناصرية، بعد أن اصبح الواقع، يستدعي احداث ثورة على شاكلة الثورة العربية التي قامت في مصر في أوائل الخمسينات من القرن الماضي، لأن الحرية بمعنى التحرير، والاستقلال الذي حل محله استدعاء الحماية بالعسكريين الفرنسيين، وحلف الناتو، ولا معنى للحديث عن للسيادة الا عن المفقود منها، إن في مصر،أو موريتانيا، أو اليمن، أو العراق،، ولا عن العدالة الاجتماعية التي سرقت منذ عصر الانفتاح الساداتي، وشرد العمال من مشاريع التنمية، وتملكها الرأسمال الخاص الذي استثمر بالشراكة مع المستثمرين الغربيين،، واستبعدت المطالب التي تحقق العدالة الاجتماعية في مصر،، أما خارج مصر، فلا زالت مشاريع التنمية مستبدلة بمشاريع الاستهلاك وحشر المجتمعات العربية في المدن دون أي مبرر للأنتقال ب" التريف" من الريف الى المدن البائسة في مظاهرها،، أما عن الوحدة العربيةالتي نادت بها الناصرية، فهل تحقق ما هو افضل في حياة العرب في ظل تجزئة المجزأ ؟!