عندما خُدعنا بـ"الكتائب الجهادية"/ لطيفة اغبارية*

2014-08-18 11:42:00

منذ بدء الثورة السورية وصعود العديد من حركات المقاومة والجهاد، كانت لدينا الكثير من التحفظات والشكوك حول حقيقة هذه الحركات والشخصيات التي تضمّها.
 لكن تركنا ذلك “للأيام” لأنّ الإعلام  الذي كان يصلنا ولا زال يحوي الكثير من البلبلة وعدم المصداقية،

.

ولكن كنّا من الذين آمنوا بوجود مؤامرة واضحة ضد سورية، وأيادٍ خفيّة لا تريد الخير لهذه البلد.

هذا الأسبوع فاجأتنا القناة الإسرائيلية الثانية، بعرض فيلم لقائد كتيبة ” الحرمين الشريفين” في سوريا، ويدعى شريف صفوري، يعترف فيه باتصالاته وعلاقاته مع إسرائيل، وهذا الفيديو قامت بتوزيعه “جبهة النصرة” ونشرته على موقع ” اليوتيوب”.

الصفوري قال إنّه دخل الأراضي المحتلة خمس مرّات، وقام بالتنسيق مع ضابط إسرائيلي، وجرى التوافق على كيفية دعم مجموعته بالمال والسلاح، وكان يلتقي مع العديد من الضباط الإسرائيليين، بينهم ضابط اسمه ” أشرف” والذي أعطاه جهاز خلوي إسرائيلي” c2″، وكانت الفصائل تتلقّى المساعدة، ويتم إدخال المصابين للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية، مقابل مهمّة يجب أن يُنفّذها ” الثوّار” ألا وهي حماية الحدود الإسرائيلية وتأّمينها من خلال منع أي شخص من دخول السياج الحدودي بين إسرائيل وسوريا من دون التنسيق مع السلطات الإسرائيلية”.
المساعدة الأخرى التي حصل عليها الصفوري كانت مساعدات طبيّة بسيطة، بالإضافة لمنح لوائه بعض الملابس، وبعض المعدّات والأسلحة والذخائر الروسيّة، حيث حصل على عشر قاذفات آر بي جي، و47 صاروخ آ ربي جي.

الصفوري كان موضع شبهات منذ فترة طويلة وشكوك،  فحسب المعارضة السورية في منطقة الجولان فقد كان الصفوري يمثل قاعدة ارتكاز للاستخبارات الإسرائيلية في المنطقة، كما وأنّ  اللواء الذي يتزعّمه وهو ” لواء الحرمين  الشريفين” كان يعدّ من أفضل الكتائب إعدادا وتسليحا.
” جبهة النصرة” كانت قد لاحقت منذ فترة مقر لواء “الحرمين الشريفين”، وصادرت بعض الأسلحة والذخائر من مقر اللواء، لشكوكهم بتعامله وتنسيقه مع إسرائيل، أمّا بث مقطع الفيديو و”فضح” الصفوري فعلى ما يبدو أنّها جزء من ” الحرب النفسية” بين التنظيمين.

******

مذيعو سورية والزمن الجميل

في طفولتي كنتُ أفضّل المبيت في منزل جدي، لأنّني كنت أعجب بصورة السيدة فيروز، وسميرة توفيق المطبوعة على المخدة، في زمن لم تكن به الكاميرات والفضائيات والإذاعات منتشرة على        ” غاربها”. و كـ ” الفش على القش”. ومن بين الإذاعات التي كان يستمع جدي إليها دائما هي ” صوت العرب” من القاهرة، و” إذاعة دمشق” العريقة. فنُقل إليّ هذا” الفيروس″ حتّى اليوم، حيث واظبت على الاستماع لإذاعة دمشق.

هذا الأسبوع ، حزنت كثيرا بعد سماعي لخبر وفاة المذيعة العريقة صاحبة الحنجرة السحرية الرائعة فريال أحمد مقدّمة برنامج           ” مرحبا يا صباح”، والذي كان يشاركها فيه كل من الإعلاميين مخلص الورار، وشاكر درويش.

الفضائية السورية، أعدّت تقريرا مؤثرا عن حياتها، وصوّرت           ” المايك” الذي صدح به صوتها على  مدار عقود في مبنى إذاعة دمشق، حيث تركت ” أحمد” فراغا كبيرا لا يعوّض كما قال زميلها الإعلامي  مدير إذاعة دمشق مخلص الورار، الذي وصفها بتعدد الطاقات والمواهب، وهذا الذي أجمع عليه العديد من زملائها الإعلاميين تحدثوا عن حضورها وثقافتها الواسعة.

 حقيقة، كنت ولا زلت من أشدّ المعجبين بالأصوات الإذاعية للسوريين، حيث يمتلكون نبرة الصوت المميزة، والثقافة الواسعة التي تجذب المستمع والمشاهد كالمغناطيس، وهم من يعيدونا للزمن الجميل الذي بدأت” تشوّهُه” الأفواه والشفاه البلاستيكية بعد انتشار الفضائيات والإذاعات كالفقاقيع، حتّى لم نعد نميّز من هو صاحب الصوت الذي نسمعه.

******

العرعور والزمن الجميل

وعلى ذكر الزمن الجميل، لكن من نوع آخر، فقد أشار صهيب العرعور نجل الشيخ عدنان العرعور الذي يقدم برنامج  مع سوريا حتى النصر على قناة ” شذا الحرية”، إنّ ” الزمن الجميل” في سورية لا زال موجودا، قاصدا بذلك  استمرار الثورات الشعبية. وهو يدعو لعدم الأخذ بأحادية وجهة النظر المتمركزة حول سلوكيات داعش، ” داعش فجّرت، داعش فخّخت”. فهناك ثورة سورية حيّة قائمة حسب رأيه، لكن الإعلام ينكرها.
أمّا والده الشيخ عدنان العرعور فدعا الشعب السوري بعدم التعويل على العرب وعلى مجلس الأمن والجامعة العربية، فحالهم كمن يصرخ في الصخور الصمّاء، ” والشعب كلّه مسؤول عن النصر”.

في الحقيقة فإنّ مشهد “داعش” هو المسيطر على الساحة والواجهة الإعلامية، وهناك عشرات البرامج التي شاهدتها مؤخرا تتحدث بقلق عن هذا التنظيم والتخوّفات منه.
قناة” سورية الغد”تطرّق الباحث في الشؤون الإسلامية الدكتور أحمد فؤاد، في حلقة بعنوان ” داعش وصناعة القتل”، عن سلوكيات داعش، التي قال إنّ القتل لديها أصبح أسهل من ” شربة ماء”، وهذه الممارسات بعيدة عن الإسلام وتضر به، وهي لا تبالي في سورية ولا تعترف بالوجود والكيان  السوري، بل في “دولة الإسلام”، وهذا صحيح.
الفضائيات العربية الأخرى تطرقت لمأساة الأيزيديين، واستمرار نزوحهم هروبا من تهديدات داعش.

“العربية” أشارت للمجزرة الجديدة بحق أهل قرية ” كوجو” ذات الأغلبية الأزيدية، ونزوح الآلاف منهم إلى تركيا وإقليم كردستان هربا من مجازر أخرى.
إحدى السيدات منهن بكت بمرارة، وقالت ” لا ذنب لنا سوى أنّنا ننتمي للأزيدية.


الميادين تنتصر لغزة

أرى بقناة الميادين قناة متميزة، لها خط وطني قومي وبرامجها راقية، وهي قناة غير تجارية لا تقوم بتسويق ما هبّ ودبّ.
يعجبني شعارها الذي رفعته ولا زال يتربّع على موقع القناة في صفحتها الالكترونية ولا زال منذ بدء مجزرة غزة الأخيرة وهو ” فلسطين تنتصر”.
“الميادين” قناة فريدة تعالج هموم المواطن العربي في الداخل الفلسطيني، الذين يهمش معظم الإعلام العربي قضاياهم، كما وتستضيف معظم النواب العرب دون انحياز وخاصة أثناء أحداث غزة الأخيرة.


******

” الجزيرة” قامت مؤخرا بالتركيز على نشاطات بعض النواب العرب في الكنيست أثناء تغطيتها للتظاهرات الداعمة لغزة، وقامت باقتطاع لصورة النائب الدكتور أحمد الطيبي الذي كان من ضمن المشاركين في التظاهرات والنشاطات المذكورة، بينما ركّزت على النائب من التجمع حنين الزعبي، وهذا الاقتطاع المتعمد لصورة الطيبي وعدم استضافته أيضا على منبر الجزيرة، لا شك أنّه سيضر بمصداقية الجزيرة، كما لاحظه الكثير من المشاهدين الذين لفتوا نظرنا لذلك أيضا.

________

*كاتبة وصحفية فلسطينية.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122