القـول بالــموجب../ أحـمد ولد اجاه

2017-11-29 17:39:00

بسم الله الرحمن الرحيم ...الحمد لله رب العالمين

.


أما بعد فقد سألني بعض الإخوة على الخاص تعريفًا وافيًا للقول بالموجب فآثرت الجواب على العام لعموم الفائدة لا لفائدة العموم
فهي لبعض طالبي العلومِ
تصلُـَـح لا للناس بالعموم

ولعلها تكون بداية إطلالات بديعية من على هذه الصفحة إن شاء الله سبحانه تعالى.
والجواب - وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب - : أن القول بالموجب عند البيانيين - والذي هو المسؤول عنه - نوع من أنواع البديع المعنوي وهو نوع لطيف جدًّا أفرده الصلاح الصفدي بالتأليف ويسمى أيضًا – كما في شرح السيوطي لعقود الجمان - الأسلوب الحكيم.
قال جامعه عافاه الله تعالى في دنياه وأخراه :
لم أر تسميته الأسلوب الحكيم لغير السيوطي وإنما وقفت في عروس الأفراح على ما نصه : ((واعلم أن هذا الضرب الثاني من القول بالموجب، هو الأسلوب الحكيم المذكور في علم المعاني)) انتهى بحروفه.
وقوله : ((هو الأسلوب الحكيم المذكور في علم المعاني)) أي وهو تلقي المخاطب بغير ما يترقب والسائل بغير ما يطلب, فقد سماه الشيخ عبد القاهر مغالطة وسماه السكاكي الأسلوب الحكيم أي ذا الحكمة لاشتماله عليها أو لأن صاحبه متصف بها فسمي باسم صاحبه.
كما يحكى أن جماعة من الأدباء كانوا في بستان في زمن الحصرم – وهو العنب الأخضر- فذكر الحجاج فقال القبعثرى : اللهم سود وجهه واقطع عنقه واسقني من دمه فأخبر الحجاج فأحضر القبعثرى ، فقال له: أأنت الذي قلت ذلك قال: نعم ولكن أردت العنب الحصرم ولم أُردْك، فقال له الحجاج: لأحملنك على الأدهم – يعني القيد – قال القبعثرى : مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب فأبرز وعيد الحجاج في معرض الوعد وتلقاه بغير ما ينتظر بأن حمل الأدهم في كلامه على الفرس وضم إليه الاشهب ليكون قرينة معيِّنة لأحد معنيي المشترك تنبيها للحجاج على أن الأولى له أن يقصد الأدهم بمعنى الفرس أي من كان مثل الأمير في الغلبة والتكرم والمال فجدير بأن يُصفد – بضم الياء أي يعطى- لا أن يَصفد بفتحها أي يقيد، فقال له الحجاج: إنه لحديد، فحمل القبعثرى أيضا الحديد على غير ما أراد الحجاج فقال: لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا، فخلى سبيله وأحسن إليه لما سحره بأسلوبه.
والقبعثرى كان من رؤساء العرب وفصحائهم وكان من جملة الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي رضي الله تعالى عنه.
وقوله: إنما أردت العنب الحصرم أي والمراد بتسويد وجههه استواؤه، وبقطع عنقه قطفه وبدمه الخمر المتخذ منه.
وقد أشار إليه السيوطي بقوله :
ومن خلاف المقتضى أن جاوبا
مخاطبا بغير ما ترقبا

بحمله على خلاف قصده
لأنه أولى به من ضده

أو سائلاً بغير ما قد سأله
لأنه الأولى أو المهم له

ووقفت أيضا في الأطول على ما نصه ممزوجًا بالتلخيص : (( والثاني - (يعني الضرب الثاني من ضربي القول بالموجب ) – : حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله احتمالاً حقيقيا أو مجازيا فقوله : "مما يحتمله " للتعميم فلا يكون عاريا عن الفائدة كما يتبادر إلى الوهم بذكر متعلقه أي ما يتعلق به سواء كان جارًّا ومجرورًا كما يتبادر إلى الوهم أو غيره ليشمل مثل قول القبعثرى في خطاب الحجاج معه : لأحملنك على الأدهم : مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب, فإنه حمل الأدهم في كلام الحجاج على غير القيد الذي هو مراده من الفرس الأدهم بالعطف عليه شيئًا يوجب كونه الفرس.
إذا عرفت هذا فلا خفاء في أن هذا القسم من القول بالموجب من تلقي المخاطب بغير ما يترقب فيكون داخلاً في البلاغة لا تابعًا لها فتأمل.)) انتهى من لأطول بحروفه.
قال جامعه عافاه الله تعالى في دنياه وأخراه :
لا شك أن في القول الموجب بضربيه الأولِ والثاني تلقيًا للمخاطب بغير ما يترقب لا يختص ذلك بضربه الثاني فلا غرابة في تسميته – بضربيه – الأسلوبَ الحكيم كما ذكر السيوطي بل لا مانع من جعله بضربيه من الأسلوب الحكيم.
والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.
ورجوعًا لتعريف القول بالموجب فالمراد بالقول الاعتراف, والموجِب بكسر الجيم اسم فاعل ؛ لأن المراد به الصفة الموجبة للحكم ، وبفتح الجيم اسم مفعول إن أريد به القول بالحكم الذي أوجبته الصفة.
فالمراد بالقول الاعتراف أي : اعتراف المتكلم بالصفة الموجبة للحكم في كلام المخاطب ، مع كونه نافيا لمقصوده من إثباتها لغير من أثبتها له المخاطب ، أو مع حمل كلامه على خلاف مقصوده.
والآن أبدأ في بيان "القول" فأقول :
القول بالموجب ضربان:
أحدهما:
أن تقع صفةٌ في كلام الغير كنايةً – أي عبارة - عن شيء أُثْبِتَ له حكم تقتضيه فيه تلك الصفة وتناسبه فتثبت أنت في كلامك تلك الصفة لغير ذلك الشيء الذي جعلها غيرك دالا عليه للإيماء إلى أن ذلك الحكم مسلم لزومه لتلك الصفة ، ولكن لا يفيدك أيها المخاطب ؛ لأن الصفة المستلزمة له إنما هي لغير من عبرت بها عنه ، فقد قيل بموجب تلك الصفة وهو استلزامها للحكم ، لكن هو لغير من عُبر بها عنه .
ويشترط في كونه قولا بالموجب أن تثبت الصفة لغير المقصود أولا من غير تعرض لثبوت ذلك الحكم لهذا الغير الذي أثبتها أنت له أو نفيه عنه أي : ومن غير تعرض لنفي الحكم لذلك الشيء بل تثبت الصفة ولا تتعرض للحكم بوجه ، فلو تعرضت للحكم إثباتا أو نفيا خرج الكلام عن القول بالموجب.
وعند المثال يتضح المقال فمثاله قوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8] فـ"الأعز" صفةٌ وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم و"الأذل" كناية عن المؤمنين وقد أثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة فأثبت الله تعالى في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم وهو الله ورسوله والمؤمنون - وينبغي أن يقال: وأثبت الصفة الأخرى، وهي الذِّلة للكفار، المدلول عليها بتقديم الخبر في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ} فإنه يدل على أن لا عزة لغيره، ومن لا عزة له ذليل - ولم يتعرض لثبوت ذلك الحكم الذي هو الإخراج للموصوفين بالعزة أعنى الله تعالى ورسوله والمؤمنين ولا لنفيه عنهم, ولو تعرض له لخرج عن القول بالموجب
فمن شرط كون ما ذكر من القول بالموجب أن لا يتعرض للحكم بوجه ، فلو تُعُرِّض للحكم إثباتا أو نفيا خرج الكلام عن القول بالموجب.
فإذا قال قائل – مثلاً -: ليُخرجن القوي من هذا البيت الضعيفَ معبرا بصفة القوة عن نفسه مثبتا لمدلولها حكمَ الإخراج فإن أثبتَّ الصفة للغير ولم تتعرض للحكم بأن قلت : القوي أنا. كان الكلام من القول بالموجب ، وإن تعرضت للحكم بأن قلت : القوي الذي هو أنا يخرجك منه. لم يكن من القول بالموجب في شيء.
الضرب الثاني من القول بالموجب :
حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده حال كون خلاف المراد مما يحتمله ذلك اللفظ أي : حال كون خلاف المراد من المعاني التي يحتملها ذلك اللفظ احتمالاً حقيقيا أو مجازيا ، بأن يكون اللفظ صالحا لذلك المعنى الذي حمل عليه ، وإن كان لم يُرَدْ ، فلو كان اللفظ غير صالح له ، كان الحمل عليه عبثا لا بديعا.
إذًا هو حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده حال كون خلاف المراد مما يحتمله ذلك اللفظ.
وحمل ذلك اللفظ على ذلك الخلاف المحتمل إنما يكون بسبب ذكر متعلقه أي متعلق ذلك اللفظ.
والمراد بالمتعلق هنا ما يناسب المحمول عليه سواء كان متعلقا اصطلاحيا - كالمفعول والجار والمجرور - أو لا, فالأول كقوله :
قلتُ ثقلتُ إذ أتيتُ مرارا
قال ثقلتَ كاهلي بالأيادي

قلت طولت قال لا بل تطول
ت وأبرمتُ قال حبلَ ودادي

والاستشهاد بقوله : "ثقلتُ" و"أبرمتُ" دون قوله : "طولتُ" فقوله :" ثقلت" وقع في كلام الغير وهو بمعنى حمَّلتك المؤنة والمشقة الباطنية والظاهرية بإتياني مرارا عديدة فحمله المخاطب - فيما حكَى عنه المتكلم - على التثقيل على كاهله بالأيادي والمنن بذكر متعلقه وهو المفعول مع المجرور ، أعني : قوله: "كاهلي بالأيادي" والكاهل ما بين الكتفين والأيادي : النعم. جعَل إتيانه نعما عديدة حتى ثقلت كاهله.
والحاصل: أن المتكلم يقول لمخاطبه: ثقلتُ عليك وحملتُك المشقة بإتياني إليك مرارا ، فقال له المخاطب: صدقت في كونك ثقلت علي ، لكن ثقلت كاهلي بالمنن لا حملتني المشقة. فجعل إتيانه إليه نعما عديدة حتى أثقلت عاتقه.
وقوله :
قلتُ طولتُ قال لا بل تطولـ
تَ وأبرمتُ قال حبلَ ودادي

أي : قلتُ له طولتُ الإقامة والإتيان ، فقال بل تطولتَ من التطوُّل والتفضُّل ، فالتطول في البيت بمعنى الإنعام , قال في التاج : ((وقد تطول عليهم ، أي امتن، كطال عليهم ، وأصل الطَّوْل المَنُّ والفضل ، قال الأزهري : والتَّطَوُّل عند العرب محمود ، يوضع موضع المحاسن ، والتطاول مذموم ، يوضع موضع التكبر ، كالاستطالة.)) انتهى.
وقوله "وأبرمتُ" أي: أمللت ، وقوله: "حبل ودادي" أي : قال: نعم أبرمتَ ولكن أبرمتَ وأحكمتَ حبل ودادي ، فقوله: "وأبرمت قال حبل ودادي" من هذا القبيل ، أي القول بالموجب بدون إعادة المحمول.
فالحمل على خلاف المراد ضربان لأنه تارة يكون بإعادة المحمول كما في قوله :
قلتُ ثقلتُ إذ أتيتُ مرارا
قال ثقلتَ كاهلي بالأيادي

وكما في قول بعضهم :
جاء أهلي لما رأوني عليلا
بحكيم لشرح دائي يُسعفْ

قال هذا به إصابة عين
قلت عين الحبيب إن كنت تعرفْ

وتارة يكون بدون إعادته كما في البيت الذي ذكرناه , أعني قوله :
قلت طولتُ قال لا بل تطولـ
ـتُ وأبرمتُ قال حبلَ ودادي

والثاني : وهو ما ذكر فيه المتعلق من غير أن يكون مفعولا ولا مجرورا كقوله :
لقد بهتوا لما رأوني شاحبا
فقالوا به عين فقلت وعارض

أرادوا بالعين إصابة العائن وحمله على إصابة عين المعشوق بذكر الملائم وهو العارض من الأسنان التي هي كالبرد ، فكأنه قال صدقتم بأن بي عينا ، لكن بي عينها وعارضها لا عين العائن.
ووجه كون هذا الضرب من القول بالموجب ظاهر كالأول ، لأنه اعترف بما ذكر المخاطب لكن المعنى غير مراد ، ولما لم يصرح بنفي المراد صار ظاهره إقرارا بما قيل وذلك ظاهر.
وأما قوله :
وإخوانٍ حسبتهم دروعا
فكانوها ولكن للأعادي

وخلتهم سهاما صائبات
فكانوها ولكن في فؤادي

وقالوا قد صفت منا قلوب
لقد صدقوا ولكن من ودادي

فالبيت الأخير من القول بالموجب بدون إعادة المحمول ؛ لأنه حمل قولهم: "صفت منا قلوب" على صفوها من وداده بذكر المتعلق, فكأنه قال: نعم صدقتم ولكن صفاؤكم عن ودادي لا عن حقد.

وأما البيتان قبله فليسا من القول بالموجب، ولكن ما فيهما قريب منه ، إذ ليس فيهما حمل صفة ذكرت في كلام الغير على معنى آخر وإنما فيهما ذكر صفة ظُنت على وجه ، فإذا هي على خلافه فأشبها القول بالموجب من جهة كون المعنى فيهما في الجملة على الخلاف, وذلك لأنه وقع في ظنه أن إخوانه دروعٌ له ، فظهر له أنهم ليسوا دروعا له ، بل للأعادي ، وظن أنهم سهامٌ صائباتٌ لأعاديه فظهر له أنهم ليسوا كذلك بل سهام صائبة لفؤاده ، وأما البيت الثالث فقد صدر اللفظ منهم فحمله على غير مرادهم.
وحاصل القول بالموجب : اعتراف المتكلم بما يوجبه كلامُ المخاطب مع نفي مقصوده وذلك إما بإثبات مناط مقصوده – أي علته - في شيء آخر – كما في الضرب الأول - وإما بحمل لفظه في كلامه على غير ما قصده منه كما في الضرب الثاني.

ولنعد الكرة على حد القول بالموجب معرجين عليه قليلا : قال في التلخيص : (( ومنه: القول بالموجب؛ وهو ضربان:
أحدهما: أن تقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم، فتثبتها لغيره من غير تعرض لثبوته له أو نفيه عنه؛ نحو: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8] )) انتهى الغرض منه.

قال الدسوقي : ((قوله : "أن تقع صفةٌ في كلام الغير" أي : كـ"الأعز" فإنه صفة وقعت فى كلام المنافقين دالة على شيء وهو فريقهم ، فالمراد بالكناية في كلام المصنف العبارة ، وليس المراد بالكناية : المصطلح عليها وهو اللفظ المستعمل لينتقل منه إلى اللازم مع جواز إرادة الملزوم ، إذ ليس دلالة الأعز على فريقهم بطريق الكناية ؛ لأنه لا لزوم بين مفهوم الأعز وفريق المنافقين.

ويحتمل أن يراد بها معناها المعهود ، ويكفي في اللزوم اعتقادهم اللزوم وادعاؤهم ذلك ؛ لأنهم يدعون أنهم لازمٌ لِمعنى الأعز.
ثم إن الظاهر أن المراد بالصفة الواقعة كنايةً في الآية ما يدل على ذات باعتبار معنًى كـ"ـالأعز" ، والصفة التي روعي إثباتها للغير: المعنى القائم بالغير كالعزة ، فاختلفت الصفتان ، وحينئذ ففي الكلام استخدام ؛ لأن الصفة المذكورة أوّلا في قوله: "أن تقع صفة" أريد بها معنى وأريد بالضمير في قوله: "فتثبتها" معنى آخر.)) انتهى تعليق الدسوقي بحروفه.

وقال السيوطي في شرحه عقود الجمان : (( وحذاق البديع شرطوا خلوه من لفظة "لكن" لأنهم خصصوا بها نوع الاستدراك)) انتهى بحروفه.
قال جامعه عافاه الله تعالى في دنياه وأخراه :
قد خلا من هذا الشرط ما بيدي من شروح التلخيص ومحشيها ومحشي محشيها.
بل قد قرروا أن من القول بالموجب قوله :
وقالوا قد صفت منا قلوب
لقد صدقوا ولكن من ودادي

وبالله تعالى التوفيق

القول بالموجب عند الأصوليين:

هذا عن القول بالموجب عند البيانيين وهو المسؤول عنه , قال السبكي في عروس الأفراح : ((وهو قريب من القول بالموجب المذكور فى الأصول والجدل، وهو تسليم الدليل مع بقاء النزاع.)) انتهى الغرض منه بلفظه.

إذًا القول بالموجب عند الأصوليين هو تسليم الدليل مع بقاء النزاع, كما عرفه السبكي في جمع الجوامع. المحلي : (( بأن يظهر عدم استلزام الدليل لمحل النزاع.)).
الزركشي : (( الموجَب بفتح الجيم أي القول بما أوجبه دليل المستدل، واقتضاه، أما الموجِب بكسرها فهو الدليل المقتضي للحكم، وهو غير مختص بالقياس ومنه الآية الكريمة، -( يعني {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [المنافقون: 8] ) - أي صحيح ما يقولونه من أن الأعز يخرج الأذل والنزاع باق فإن العزة لله ولرسوله فالله ورسوله يخرجانكم، وتعريف المصنف له: بتسليم الدليل تبع فيه ابن الحاجب.
وقال بعضهم: ينبغي أن يقال: تسليم مقتضى الدليل لأن تسليم الخصم، إنما هو لمقتضى الدليل وموجَبه، لا لنفس الدليل إذ الدليل ليس مرادا لذاته، بل لكونه وسيلة إلى معرفة المدلول.)) انتهى الغرض منه بحروفه.
وقد أشار في المراقي إلى تعريفه بقوله :
والقول بالموجب قدحه جلا

وهو تسليم الدليل مسجلا

مِن مانع أن الدليل استلزما
لما من الصور فيه اختصما

قال في شرح الشطر الأول : (( يعني أن من القوادح : القولَ بالموجب – بفتح الجيم – أي ما أوجبه دليل المستدل, والقول بالموجب يدخل في العلل والنصوص وجميع ما ستدل به.)) انتهى بحروفه.

وقال في شرح الشطر والبيت بعده : ((يعني أن القول بالموجب هو تسليم المعترض دليل المستدل أي ما يقتضيه دليله حال كون الدليل مسجلاً أي مطلقًا أي نصا كان أو علة أو غيرهما من الأدلة حال كون ذلك التسليم كائنًا من معترض مانع استلزام ذلك الدليل لما اختصما – أي تنازعا هو والمستدل – فيه من الصور.)) انتهى الغرض منه بحروفه.
وبسط القول فيه وتقسيمه إلى أربعة أوجه في كتب الأصول فلنكتف الآن بهذا القدر وربما نتعرض له فيما بعد إن شاء الله تعالى .
وبالله تعالى التوفيق.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122