في معنى الإعجاب/5,, / د. محمد الأمين الناتى

2017-03-19 07:58:00

الخويصة، الانكفاء/والمماهاة: (النص المصحح)

.

وقفْنا مرّاتٍ، في معْنى الإِعْجاب، لدى مُنْزَوَى "الخُوَيْصَّة"، وقَفاتٍ عَجْلى، هي ما بَدا لنا أَنَّ إِلْماعاتِ هذا الفضاء السريعة تقْتَضيه، وإِنْ كنّا حاولْنا تكْثيفًا قصْدِيا في مَساقنا؛ عسى أن نتدارك به ما نَحْن مُكرَهون إليه من إسْراعٍ هو سبيلُ التواصُل هذا؛ مُتخَفِّفين من الحشْر في مستوى "الخُوَيْصَّة" الأول، الَّذي لا مُواربة فيه؛ حَيْث يأْتي صاحبُه ما يأْتيه، مُميطًا اللثامَ، حاسِرًا القِناع، مُتَذرِّعا بعَجْزه، كاشِفا قِلَّة حيلتِه، مُحاوِلًا النَّجاة بنفْسه؛ فهو ـ وإِنْ لمْ يَسْتطِعْ نفْعا ـ كافٌّ أذاه؛ يرْجو عاقبةَ أمْرِه ورحمة ربِّه.
ولَئِنْ كُنّا قد بيَّنّا أن هذا المُسْتوى، أو الوجه من أوْجُه "الخُوَيْصَّة" لا يمكن إلا أن يكون مُسْتقْبَحًا؛ لما فيه من سلبِيَّة اتِّجاه الجماعة الُمتكفِّلة بصاحبها، رُغْمَ قطْعه أسْبابَ الوِصال ـ فإنَّ لنا أن نَمْضِيَ دَرَجًا إلى حيْثُ تنْفَكُّ "الخُوَيْصَّة" من موْئِلِها؛ وينْشَط صاحبُها من عِقالِه، لائِثًا عِمامة التنكُّر، مُسْرعا إلى كل نَفْع، حريصا على النَّيْل بأَيِّ ثَمَن، من إراقة ماء الوجْه الضَّحْل، أو هدْر كرامة لم تَقُمْ لها أسْبابُ وُجودٍ ذاتيَّة، من أَثْمانٍ تُسْترْخَص، ما لمْ تكُنْ فَشًّا في جَيْبٍ مُنْتفِخ بالسُّحْت وكَسْبِ السّوء.

هذا المستوى/الوجْه ـ إِذَنْ ـ أشَدُّ قُبْحًا من جهتين، إحداهما: أنّ هذا الصَّفيق يَأْتي مُنْكَراتِه في غِلالة من الفِعْل الاجْتِماعي، وكثيرا ما تَتَسَتَّر وسائلُه بِدِثار الخَيْر، أو البِناء والإسْهام في إِعْمار الأرْض؛ وحِيَل أُلئِك سنُجَلِّيها لاحقًا ـ إنْ شاء الله ـ أمّا ثانيةُ الجهتين، فهي: انْتِصابُ الذّات مِحْورًا لحركة الفِعْل الاجتماعي؛ حتّى ولو اقْتَضى الأمْرُ تَعْطيلَ المصلحة العامّة؛ بلْ لَوِ اسْتَوْجَب هَدْرَها؛ ليكون مُؤَشِّرُ السَّداد والتّوْفيق ما يَضْمَن الَمنْفَعَة الخاصَّة، وعلى المنافِع العُمومية العَفاء؛ على أنَّ الأَدْهى والَأمَرَّ، أنْ يُحاول هؤُلاء الخُوَيْصِّيون، سُخْفًا واسْتِهْتارًا، أنْ يَقْلِبوا المفاهيم، ويُفْرِغوا القِيم من حُمولَتِها؛ فيُصْبحُ الهمُّ العامُّ بلا جَدْوى، والنّاحِتُ في صخْرِهِ أكْبَرُ العابِثين.
لَئِنْ لمْ يَنْتَهِ هؤُلاءِ النّاكِثون في عَقْد الجَماعَة، وعْيًا وإِقْرارًا أَنْ لا مَعْنى لمصلحة الفرد إلا بالجماعة، فعليهم أنْ يخافوا ـ وهم الجُبَناء طَبْعًا ـ أنْ تَتَخطَّفَهُم مَخاطِرُ الفردانية في مَهاوى دَرَكاتِها؛ بِما نَسوا َََّْأَنَّ: «يَد اللهِ معَ الجماعة؛ وإِنَّما تَأْكُل الذِّئابُ من الغَنَم أَقاصِيَها، أو قاصِيتَها»
ومماهاة الخويصة تتواصل لاحقا ـ إن شاء الله.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122