دناجي محمد الامام يكتب"العلاَّمـــــــــــــــــة"

2016-09-24 13:26:00

هذه الصيغة (علاَّمة)، كانتْ محصورة فيمن يستحقها بجدارة استثنائية في العلم ( بمعناه العربي الإسلامي الشامل)، عندما كانت الأشياء توزن بمقاييسها و تحدد بمحدداتها،

.

و قد جُبت أغلبَ أقطار العروبة والإسلام، وأُتيح لي-والحمد لله- أن ألتقي أكثر من كنتُ أسمع عنهم وبهم و أتوقُ إلي لُقيِّهم... والحال أنني كنتُ أُصابُ بما يشبهُ "الخيبة" المُمِضَّةَ بعد تلك المقابلات التي تتم في بهرج أزياء الكهنوت من جلابيب مزركشة و عمائم يتطلب لفُّها من الوقت و الجهد و الإتقان ما لو بذل في غيرها لتغير حال المسلمين.. 
وأعودُ إلي نزلي محملا بهدايا نمطية من العاديات تحمل رسوما من الأرابيسك المتقادم... ومؤلفات أنيقة الطباعة محكمة التجليد،تحتوي نصوصا كثيرة" العزو"مثقلة ب"الإحالات" كثيفة الهوامش ،قليلة السطور...تُشَرِّعُ (تشرْعنُ) و ُتَبرِّرُ و تحثُّ على (مساندة) القرارات الرشيدة لصاحب الأمر، وقد(للتقليل!) تضم ديوان شعر في مديح الباب العالي...ممهورة بتوقيع و دعوات (العلامة) للعبد الضعيف.
لكنَّ موقفاً..في قاهرة المعزِّ أثبتَ لي قول الإمام الشافعي:
والتبر كالترب ملقًى في أماكنه و "العود" في أرضه: نوعٌ من الحطب
كانت المناسبة انعقاد إحدى دورات مؤتمر الدعوة الإسلامية و علي هامشها دورة 
لمجمع الفقه الإسلامي و في المناسبتين كانت بلادي شنقيط المحروسة ممثلة بالشيخ محمد سالم ولد عدود ، بتواضعه الجم ، كان يمرُّ مرَّ النسيم فلا يزاحم الجلابيب عند المقهى ولا يطلب قهوته "مضبوطة" و لا "سكر زيادة" لأنه لا يتناول أي منبه على الإطلاق... وهو بذلك بعيد من هرج النقاش و المناكفات .. لكنه في قاعة المداولات عندما يتناول كلاما يستوجبه المقام يتحول الجمع طلابا كأنما على رؤوسهم الطير ويفيض في النصوص من الكتاب والسنة وآراء الائمة بالاستدلال و الشرح و النقل و شوارد الفوائد و الفرائد و شذرات الأدب و أيام العرب وأنسابها...
وفي يوم العودة من المؤتمر سمعتُ من أحد المشايخ أنّ طبعة جديدة من القاموس المحيط في مجلد واحد قد صدرت في بيروت وأنه يريد اقتناءها ، مستطردا أنها لو كانت معه في المؤتمر لما احتاج إلي مراجعة إحدى المكتبات للتأكد من بعض المسائل.. 
فقلتُ له :كان بإمكانك أن تسأل الشيخ عدود، فقال هل يحمل معه القاموس دائماً؟؟ قلت : رُبما ... بإمكانك أن تسأله ، فتقدم منه مستفهما ، فإذا هو يجيبه بالمادة كلها من الذاكرة!!

قال الشيخ الدكتور المفتي رحمه الله : "عفارم عليكم يا أهل شنقيط ..هذا هو (العلامة) الذي عناه أهل العلم!! "
رحمك الله يا علامة العصر... هل كان علينا أن نجوب الدنيا لندرك أنك (العلامة)؟؟

______________________________________

فائدة:

يقول رضي الله عنه في مستدركاته على الفيروزآبادي في القاموس:

وزى كرمى يائيةٌ كتبتْ لها * بقاموس مجد الدين صورة واو
فكان صواب القصد ياء تصحفتْ*لدى النسخ أوزلّتْ رويةُ راوي.

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122