بنت انجيان تحكى عن وفاء العريف جيبي آمادو صو

2015-11-27 14:20:00

بمناسبة عيد قواتنا المسلحة كل عام والوفاء بخير لا حرف يمكنه أن يحمل شعوري اتجاه رجل ك "چيبي آمادو صو" لا كلمة يمكنها أن تصف الرجل وتوفيه حقه لكني سأحاول ...

.


سأحاول أن أحكي عن بعض جميله ...بعض نبله ووفاءه وشهامته ...بعض حنانه ... العريف "چيبي آمادو صو" ...ذلك الأسمر النحيل الذي دخل بيتنا كعسكري سائق سنة 1992 أذكر ذلك اليوم جيدا بكل تفاصيل الرجل المميزة كان "جيبي" مشاكسا (ولا يزال) عكس ما عرفت عن معظم العسكريين الآخرين في البيت توشك وأنت تراقب "چيبي" أن ترميه بالغرور قبل أن تكتشف أن الأمر لا يعدو أنفة غير مصطنعة عن كل ما يعتبره "ارويخي" بتعبيره لا أحد يمكنه أن يسلم من غضب چيبي إذا طال انتظاره لأحدهم فيصرخ "اگصر أعماركم " ،"مشينكم"،"تو بيكم" يقصد "أتفو بيكم " ...

كان چيبي يمارس علينا نحن البنات سلطة الأب والأخ فتراه يلتفت يميناً ويسارا وهو يقلنا وكأنه يطمئن إلى أن إحدانا لا يتبعها شخص ولا يلبث أن يسأل :"گصر عمرك يوك رازل تعرفو ؟ هو اتلبك؟ وعندما تظهر إحدانا غضبها ودهشتها من السؤال يردف قائلا " تيرك كيسلك ...آن كرص كان فيك مشاكل" يقصد اطيرك مقيسلك آن انخرص يكان فيك المشاكل ...

يمكن لچيبي أن ينسى كل شيء إلا أن ينسى إحدانا تنتظر في المدرسة أو عند أحد صديقاتها حتى لو اضطر لإنزال أحدهم في الشارع عندما يحين موعد إعادتنا للبيت ...

يحمل چيبي دائما في جيبه دراهم قليلة يخصصها لإكمال شراء ما ينقصنا في المدرسة كالأقلام والدفاتر فبحسب چيبي أننا نتعمد نسيانها حتى لا ندرس والحقيقة أنني شخصيا واظبت على استغلال الأمر لشراء "فوتايا وبالباستيك" في المدرسة ....

يروي چيبي دائما قصص مشاركته في حرب الصحراء وكأنه يحكي عن مغامرة كشفت حقيقة الرجال فالبنسبة لچيبي هناك فقط أحد احتمالين إما أن تكون "صندري" حقيقي وإما أن تكون "امرأة"

ويأخذ يوزع الصفتين على من اشتركوا معه التجربة وعندما تسأله وأين أنت من الصفتين يقول بانفعال "كسر عمرك زيگلك ... انت اعويليل آن ما يبسني كون اصندير"... ويردف "يقير هوم گصر أعمارهم فترون خصوصا كوالك انت (يقصد أخوالك انت ويعنيني بالكلام) الحقيقة أن كلامي عن چيبي يحتاج سنين بل وربما أعمار لأفي كل مرحلة حقها وكل صورة ماءها لتتشكل في النهاية صورته كما اكتشفتها وعشقتها ... لم أكن يوما اعتقد بأني سوف أكون ممتنة لأصعب المحن وأكثرها ايلاما لا لشيء إلا لأنها كشفت عن قلب بحجم وزخم وروعة العريف من الجيش الوطني چيبي آمادو صو يشبه تصفح ذاكرة الماضي القريب جولة للتعرف على صور الوفاء من خلال مواقف هذا العسكري النبيل ... أذكر منها على سبيل المثال :
- في خضم أحداث المحاولة الانقلابية يوم 8 يونيو 2003 وبينما الكل كان بين متسمر في مكانه وآخر يبحث عن طريقة للنجاة من لعنة الفوضى وشظايا القذائف ترك چيبي صغاره في حي البصرة متجها لبيتنا (بيت أهل انجيان في الحي "ف" ) غير عابئ بالمخاطر وعندما لمته بعد ذلك بفترة معتبرة تصرفه متهور قال لي "خالك ألا انموت امعاكم ول نحياو كاملين"...

- بعد أحداث 8 من يونيو 2003 كان ان استدعت قيادة الأركان في وقتها كل العسكريين الموجودين في البيت (كانوا عبارة عن سائقين من بينهم چيبي وفرقة حراسة)وأخبرتهم بضرورة العودة لمراكز قياداتهم حتى يتم تكليفهم بمهام أخرى ...انهار چيبي عندما سماعه بالخبر وبكى بشدة ثم خلع بذلته العسكرية وقدم طلبا للاستفادة من التقاعد المبكر واستأنف عمله المعتاد في البيت حينها ولازال حتى اليوم كذلك ...

- بعد عمر من العشرة لا يكاد فرح ولا حزن في حياتنا يخلو من بصمة مضيئة لمواقف الرجل...

في يوم عيد قواتنا المسلحة اخترت أن أقول أصالة عن نفسي ونيابة عن أسرتي :

كل عام وأنت أيها الوفي بخير وصحة وسعادة كل عام و أنت في حياتنا الأب الحنون والأخ المشاكس كل عام والوفاء بخير كل عام والقوات المسلحة قوية و متقدمة كل عام وموريتانيا آمنة مزدهرة

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122