حتى لا نظلم حكومة المهندس / عثمان جدو

2015-05-19 15:54:00

لقد أعجبني كاتب المقال المعنون ب"شلل في أداء حكومة المهندس" في بداية مقاله ؛ حينما أنصف الوزير الأول ، تقديما ووصفا ، وتعريفا بتاريخه المهني ، وهذا إنصاف لمرحلة خاصة من حياة الوزير المهنية ؛بعيدا عن التقييم المتأثر بالتجاذبات السياسية ؛ والتزكية الانحيازية ؛

.

 الشيء الذي وقع فيه الكاتب بعد ذلك ،عندما مرر نقدا مبطنا وقدم حكما على الوزير الأول ؛مفاده أنه ينجرف وراء القبيلة بل يحكم الروابط الأسرية في التعامل مع القضايا الوطنية،  وهذا ما لانستسيغه ولا نصدق حدوثه.. فالوزير كما عهده الجميع ؛شخصية وطنية مهنية بامتياز ، وله ميزة قل ما توجد في وزرائنا ومديرينا ، وهي أن باب مكتبه كما عهد زمن وزارة التجهيز ؛مفتوح أمام الجميع لتقديم مشاكلهم، ومنزله كذلك وهذا ماشهد به كثيرون، معارضة ،وموالاة، ومحايدين .. ولا شك أنكم تعرفون حال وزرائنا سلفا ؛ مع زوارهم اللذين لا يتمكنون من لقائهم غالبا ؛وفي أحسن الأحوال يتم ذلك عن طريق الوساطات القوية ؛ وكثيرا مايكون اللقاء يوما واحد في الأسبوع إن لم يكن في الشهر؛ ويكون تبعا لجدولة صارمة تحدد عدد الزوار وأحقيتهم حسب قوة المنتفذين الموجهين لهم ، ومن وزرائنا من لا يحظى المديرون المركزيون معه في نفس الوزارة بلقائه إلا نادرا..!

ومن المعروف أنه لا أحد يسلم من النقد والاتهام سواء كان ذلك بوجه حق أو عكس ذلك ، وفي بلادنا التي شهدت قفزة غير مسبوقة في مجال الإعلام وحرية التعبير، أصبح من السهل جدا توظيف ذلك في انتقاد الرئيس أو الوزير ؛ مهما كانت الدواعي والأسباب ، ومن السهل أيضا أن يقف شخص كصاحبنا ويقول : أن الحكومة تعاني الشلل ، أو أنها أصلا حكومة ملل ، كما يمكن لقائل آخر وبكل بساطة أن يقول أن موريتانيا نفسها دولة أزمات وويلات وخرقات ومسرح للتجاوزات ، لكن ذلك قد يقابل بكونه مبالغات وتشاءم لا غير .


إن المتمعن الحاذق والمنصف إذا صادف سلبيات وذكرها فإن ذلك لا يعمي بصيرته عن ذكر ما هو موجود ومتحقق من إنجازات ، التي تعد مرضية عند البعض وستبقى دوما دون حجم التطلعات عند البعض الآخر.

إن ركوب موجة البقع الزيتية مثلا ؛ وتحميل الحكومة كامل المسؤولية في الكارثة ليس منصفا ، والدعوة إلى تأزيم العلاقات مع إسبانيا بحجة تعمد التلوث ؛والدفع به تجاه مياهنا الإقليمية ؛ كلها شطحات نقد وطرح صبيانية ، كان من الأولى أن نتصدى للكارثة البيئية باتحاد الإخوة ، فوزارة الصيد لا يمكن أن تغفل أو تتغافل عن هكذا قضية ؛لكن مبلغ الجهد لحد الساعة هنا .. والسعي الحثيث من أجل تجاوز الأزمة قائم ولا ينبغي أن يتوقف ، وتعلمون أننا في عالم أقوى دولة فيه هي أمريكا ؛ وكثيرا ما تقف حائرة عاجزة أمام كوارث عديدة تضربها ؛ وتطلب العون وتخطط لتجاوز الأزمة ؛في فترة زمنية مرسومة لذلك ولا يمكن أن تكون رغم قوتها وعدتها وعتادها قادرة في أول وهلة على تجاوز تلك الأزمات والكوارث التي تلم بها، وليس باستطاعتها أن ترد أضرار تلك الكوارث .

صحيح أن عمل الحكومة ينتابه بطء أو فتور في بعض القطاعات ، لكن ذلك لا يعني العجز النهائي ولا الشلل إلا في مخيلتنا النقدية التي تبالغ في الإنكار ؛ ولا تقر بذكر ما يستوجب الذكر، فكلنا يعرف موريتانيا التي نشأنا فيها دون أبسط أنواع البنى التحتية ، ودون طرق ودون ميزانية حتى .

صحيح أن حجم التطلعات عال ولكن ما حدث يستحق الإشادة ؛وتركيز الطلب على ماهو مفقود أو لأجل تنشيط المشاريع المتأخرة أولا.

فالمتشائمون يجعلون من قضية الدبلوماسي الجزائري ؛قضية كارثية ويحسبونها سابقة في العلاقة الدولية ؛وهي التي مرت بسلام ؛وستكون درسا للمتاجرين بسيادة الدولة .
ومنهم من يجعل من قضية المفسدين في وزارة المالية قضية عكسية ويقول لم يظهرالفساد إلا في ظل النظام القائم ..لا لقد ظهرالفساد قبل ذلك وكان المفسد الموجه للسجن يعين وزيرا عند أبسط تدخل لأقربائه ، ووجود المختلسين لأموال الخزينة في السجون يدل على أننا في عهد القطيعة مع الزمن الماضي

؛حيث كان المختلس يبجل ويكرم ، وتقف خلفه القبيلة والحلف والحزب ؛ ولم نعهد في زمن مضى مختلسا سجن بسبب اختلاسه كما لم نشاهد قط من اختلس ثم رد الأموال التي اختلسها ، فعلى الحكومة ان تواصل وقوفها بحزم في وجه كل من ثبت عليه إختلاس المال العام وتجبره على رده وتمنعه من الوظيفة مستقبلا كي نكون جادين في ما نحن فيه .
وعليها أن تراعي وضعية مشاريع في قطاعات معينة فمثلا مشكل العطش الذي ترتفع اصوات المطالبين بالمياه في كل مكان ؛على الوزارة الوصية أن تجد حلولا آنية للتخفيف من معاناة المواطنين اللذين لايستطيعون التحمل ؛حتى اكتمال المشاريع الكبرى في المجال والتي أعلن عن بعضها في الزيارات الرئاسية الماضية ودشن البعض الآخر .

كما أن على الحكومة التغلب على الانقطاعات الكهربائية المتكررة والتي ترتفع وتيرتها في فترة الصيف حيث تكون الحاجة ماسة إليه ،وعلى الحكومة أن تعيد النظر في إعلان2015 عاما للتعليم وتفكر في خطة عشرية للتعليم ؛وعليها أن تبدأها بزيادة المخصصات العامة للتعليم في الميزانية التي لم تتجاوز حدود 10% ،فيجب أن تضاعف هذه النسبة ثلاث أو أربع مرات كي نكون على قدر وحجم التحديات في القطاع الأكبر والأهم ..وعلينا جميعاأن نذكر ما تم إنجازه ونطالب بالمزيد..

المدير الناشر
أفلواط محمد عبدالله
عنوان المقر ILOT G 122